
فالرشوة والوساطة واستغلال المنصب داء خطير يظهر بأشكال ووجوه وطرق متعددة، فالراشي يقوم بعمل مشين يمقته الإسلام مقتاً شديداً، وهو إنسان خطير فقد يكون هو الذي عود الطرف الآخر (المرتشي) على هذا الداء فقدم له الإغراء فضعفت النفس وأهينت الكرامة واستبيحت قدسية الوظيفة فأحب المرتشي هذا الإغراء واعتاد عليه مما حدا به أن يضع العقبات والعراقيل والموعد تلو الموعد لأي خدمة أو عمل يقوم به فأصبحت المساومة هي الفيصل لإنجاز العمل.
والرشوة ظاهرة سيئة من ظواهر الفساد الإداري والمالي في المجتمعات.. يلجأ إليها الموظفون السيئون وذوو الحاجات والنفوس المريضة، ولها طرفان: الموظف الذي يقدم الخدمة ويقبل الرشوة مقابل هذه الخدمة، وصاحب الحاجة لهذه الخدمة الذي يقدم الرشوة لتسهيل قضاء حاجته وكل منهما ملام لهذا الأسلوب من الفساد الإداري والمالي .
أما الوساطة فهى ما كان مصادرة حق أو أولوية أو كفاءة وإحلال آخر غير كفء وليس له أولوية أو غير مستحق لما أعطي أو حصل عليه مما يولد هذا التصرف الغبن وعدم الإنتاجية والتردد في أداء العمل وحجب الابتكار والإبداع والتطور الذي ينعكس بشكل عام على المصلحة العامة بالضرر، فمحور الواسطة إعطاء الحق إلى غير مستحقيه وبالتالي فهي نوع لا يقل خطورة عن المنفعة التي يمكن أن يحصل عليها من يمارس الفساد .
أما استغلال المنصب فهو الأمر الأخطر والأدهى، فصلاحيات الشخص المسئول وما تحت يده وما تحت تصرفه إنما هو لأداء العمل للمصلحة العامة للوطن والمواطن. هذه هي واجبات صاحب المنصب، سواء كان ذلك المنصب رسمياً أو تطوعياً أو أهلياً، ما من يتخذ من المنصب وسيلة لتحقيق مكاسب أو فوائد شخصية قد تكون له أو للمقربين منه أو المحسوبين عليه في حين يحرم منها أصحاب الحق فيها، أو تكون هذه المكاسب على حساب المصلحة العامة فهذا هو الفساد الذي ما بعده فساد وما خفي كان اعظم